الجمعة، 4 فبراير 2011

العدة في الفقه الاسلامي


العدة في الفقه الإسلامي
الحمد لله الذي خلق الإنسان علمه البيان ، وهداه سبل الهداية والسلام ،وجعل له من نفسه زوجة يسكن إليها ،وغرس بينهما المودة والرحمة ،ورزقهما بنين وحفدة ، وأرشدهما إلى أقوم طريق يحقق لهما السعادة في الدنيا والآخرة ، فمن سلك شرع الله تعالى وقام بواجبه عاش عيشة هنيئة راضية .
والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين  .وبعد:
فهذا بحث العدة في الفقه الإسلامي توخيت عرضه عرضاً مبسطاً سهلاً ، يفيد المبتدي ، ويذكر المنتهي ،ويجلي غوامضه،ويسعف طالبه ، فكان هذا البحث من مقدمة وفصلين وخاتمة .
الفصل الأول :تحدثت فيه عن معنى العدة وحكمها ،وحكمة مشروعيتها  ،ودليل مشروعيتها ، وما يوجبها ، وأنواعها .
الفصل الثاني : تحدثت فيه عن بداية العدة ونهايتها، وما للمعتدة وما عليها ، وحداد المعتدة ،وحقيقة الإحداد ، وخروج المعتدة .
الخاتمة :وتشتمل على أهم النتائج المتوصل  إليها من خلال البحث .                               
الفصل الأول :وفيه الآتي :
أولاً: معنى العدة : العدد : جمع عدة ،مأخوذ من العدد لاشتمالها عليه .
وشرعاً :اسم لمدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها ، أو للتعبد ، أو لتفجعها على زوجها .
ثانياً:حكمها: هي واجبة بالاتفاق في عدة الوفاة ، وهي ترك الزينة ،وما يدعو إلى النكاح .(1)
ثالثاً: الدليل على مشروعيتها :
1-من الكتاب قول الله قول الله تعالى :(والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) البقرة /228
2-من السنة :حديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم –قال لها :( اعتدي في بيت ابن عمك ابن أم مكتوم )(2) وقد سمح لها النبي –صلى الله عليه وسلم – أن تعتد في بيت ابن عمها ، لأن زوجها طلقها وهو غائب وخشيت أن تعتد وحدها في بيت الزوجية فلربما يقتحم أحد عليها دارها ، فأذن لها ،لأنها تكون في مأمن من أن يراها أحد (3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-رحمة الأمة في اختلاف الأئمة.محمد بن عبد الرحمن الدمشقي العثماني الشافعي المتوفى بعد (780هـ) تحقيق علي الشربجي وقاسم النوري مؤسسة الرسالة ط 1سنة 1994 م بتصرف
2-صحيح مسلم بشرح النووي 1/94
3-المصدر السابق بتصرف .
رابعاً : الحكمة من مشروعيتها:
يرى جمهور الفقهاء : أن كل عدة لاتخلو من تحقيق بعض المصالح الآتية :
1-معرفة براءة الرحم ، حتى لاتختلط الأنساب .
2-إمهال الزوج فترة حتى يستطيع فيها مراجعة نفسه وإرجاع مطلقته .
3- حداد المرأة على زوجها المتوفى ، وفاء له واحتراما ً لمشاعر أهله .
4- تفخيم أمر النكاح ، إذ أنه لايتم إلاباجتماع الرجال ، إلابانتظار طويل .([1])
خامساً :مايوجبها :
الذي يوجب العدة سببان : موت الزوج ، أو الفراق .
فإذا مات الزوج – ولوقبل الدخول ، أوفي أثناء العدة من طلاق رجعي اعتدت الزوجة عدت الوفاة .
ولو حدثت الفرقة بطلاق أو خلع أوفسخ - وكان ذلك بعد الدخول – اعتدت الزوجة .
وقد جاء في المغني :(وكل فرقة بين الزوجين فعدتها عدة الطلاق ،سواء كانت بخلع ، أو لعان ،أو رضاع ،أو فسخ أو إعسار ، أو اختلاف دين ، أو غيره في قول أكثر أهل العلم .. (2) 
ٍسادساً : أنواع العدة : هي ثلاثة أنواع : وضع حمل ، أقراء ،أشهر.
الأول : وضع الحمل : لإخلاف بين الفقهاءٍ في المرأة الحامل ، إذا فارقت زوجها بطلاق أو خلع أوفسخ ، فعدتها بوضع الحمل . لقول الله تعالى : (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعنا حملهن ) الطلاق /4
قال صاحب متن الغاية والتقريب في الفقه الشافعي ما نصه : (والمعتدة على ضربين : متوفى عنها زوجها ، وغير متوفى عنها .فالمتوفى عنها زوجها : إن كانت حاملاً فعدتها بوضع الحمل . ثم يعلق الشيخ ماجد الحموي حفظه الله قائلا عند قول المؤلف :بوضع الحمل ولو مضغة  ، لقول الله تعالى : (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) الطلاق(3)
ويقول صاحب رحمة الأمة : اتفق الأئمة على أن عدة الحامل مطلقاً بالوضع .(4)
الثاني : اتفق الأئمة  على أن عدة من تحيض ثلاثة أقراء ، لقول الله تعالى :(والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء )البقرة/228
والأقراء :الأطهار عند مالك والشافعي ، وعند أبي حنيفة الأ قراء : الحيض ، وعند أحمد روايتان .(5)
الثالث :واتفق الفقهاء على أن عدة من لم تحض ، أو يئست ثلاثة أشهر ، لقول الله تعالى : (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلا ثة أشهر واللائي لم يحضن ) الطلاق /4
الفصل الثاني : وفيه الآتي :
أولاً: متى العدة ؟
عند الاعتداد بالأشهر تبدأ من تاريخ الفراق . وعند الاعتداد بالأ قراء، فالذين يرون أن القرء هو الطهر ، تبدأ العدة عندهم من الطهر الذي وقع فيه الفراق .والذين يرون أن القرء هو الحيض ، تبدأ العدة عندهم من الحيض الذي يعقب الطر الذي حدث فيه الفراق .
ثانياً :متى تنتهي العدة ؟
إذا كانت بالأشهر تنتهي بمضي المدة .
وإذا كانت بالحمل تنتهي بوضع آخر جنين إذا تعددت الأجنة .
وإذا كانت بالأ قراء ، فعند من يرى أن القرء هو الطهر ، فإن طلقها في طهر انقضت عدتها برؤية الدم من الحيضة الثالثة ،وإن طلقها في حيض انقضت عدتها برؤية الدم من الحيضة الرابعة .
وأما من يرى أن القرء هو الحض فهناك قولان :
الأول :أن العدة لا تنتهي حتى تغتسل المرأة من الحيضة الثالثة ، فيباح لزوجها إرجاعها ، ولايحل لغيره نكاحها ، حتى لو فرطت بالغسل سنين ، وهذا مروي عن الخلفاء الراشدين وجمع من الصحابة والتابعين ، لأنها ممنوعة من الصلاة بحكم حدث الحيض ،فأشبهت الحائض (1)
ثالثا : ما للمعتدة وما عليها :
لإخلاف بين الفقهاء في أن على زوجها أن يبقيها في بيت الزوجية ، وأن ينفق عليها . ويجب عليها أن تقيم معه ، فتكون حياتها في العدة كحياتها قبل الطلاق ، والحكمة من ذلك أن تبقى تحت سمعه وبصره علَه يراجعها , ولكن لا يخلو بها كما هومعلوم في أحكام الطلاق الرجعي (2) قال تعالى : (لاتخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأ تين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه لاتدري  لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ، فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف ) الطلاق 1-2  

[1] .انظر/العلاقات الأسرية في الإسلام د/محمدعبد السلام محمد مكتبة الفلاح الكويت.ط2 سنة 1987ص410-411
2- المصدر السابق ص411

ليست هناك تعليقات: