الجمعة، 4 فبراير 2011

الثبوت في القنوت تأليف جلال الدين السيوطي رحمه الله المتوفى سنة911هـ تحقيق الدكتور محمد سرحان التمر الأستاذ المشارك في جامعة ذمار


 بسم الله الرحمن الرحيم
                                                                                                                           
 وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله([1]) وصحبه وسلم رب يسر يا كريم الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى،ورد علي سؤال في قوله - صلى الله عليه وسلم- في دعاء القنوت([2])  (ولا يعز من عاديت)([3]) ،وذكر السائل أنه قرأ بكسر العين فرد عليه رجل وقال : إنما هو يعز بضم العين من نصر ينصر و ذكر أنه قال: إن يعز بالكسر إنما هو مضارع عز بمعنى قل وأما عز من العز الذي هو ضد الذل فإن مضارعه بالضم هذا ما ذكره السائل.
وأقول: إن ضبط هذا اللفظ من مهمات الدين من وجوه :

أحدها: أنه لفظ ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وضبط الألفاظ الواردة عنه - صلى الله عليه وسلم – من أهم الواجبات ،وأكد المهمات ،كما نص عليه أئمة الحديث في كتبهم لئلا يدخل من رواه على الخلل في قوله – صلى الله عليه وسلم-
( من تقول علي مالم أقل فليتبوأ مقعده من النار ) ([4]) .
وقال الحافظ زين الدين العراقي([5]) في الفتية :
وليحذر اللحان والمصحفا.....على حديثه بأن يحرفا
فيدخلا في قوله من كذبا  .....فحق النحو على من طلبا
 الثاني : أنه ذكر من الأذكار , وألفاظ الأذكار متعبد بها ([6])فإذا حرفت عن الوارد فيها لم يحصل بقولها الثواب المترتب عليها .
الثالث: أنه من أكد أذكار الصلاة فيتأكد فيه الضبط لأن التحريف واللحن في الأذكار من أقبح الأشياء، وضبطها وتصحيحها وإعرابها من أحسن الأمور وقد ورد في بعض الآثار الموقوفة([7]) :(أن الله لا يقبل دعاء ملحوناً)([8]) ولا شك أن التحريف أسوأ حالا من اللحن بكثير ، لأنه يُخل بالمعنى ،ويخرج اللفظ عن موضوعه ، فمن تحرى ضبط اللفظ على ما ورد فقد دخل في حديث (من أحسن صلاته وصله الثواب الموعود به فيه )([9]). ومن قصر في ضبطه وحرفه لم يدخل فيه فحق على كل مصل المحافظة على ضبط الألفاظ الواردة في الصلاة فيكون محسناً لها ما أمكنه وهو أكد من الاشتغال في كثير من المعقولات.
لأنه عبادة، ويترتب عليه جزيل الأجر والثواب والساعي في ذلك معين على الخير ، حقيق بالأجر الجزيل ، لأن( الدال على الخير  كفاعله)([10])، خصوصاً وهو سعيٌ في ضبط  لفظ النبوة (وصيانته عن التحريف وفي ذلك من الثواب ما لا يخفى.
وأقول: لا خلاف بين العلماء من أهل الحديث واللغة أن يعز من العز المقابل للذل بكسر العين في المضارع قال ابن الأثير([11]) في كتاب النهاية في غريب الحديث العزيز في أسماء الله تعالى هو الغالب القوي الذي لا يغلب يقال عز يعز بالكسر إذا صار عزيزا وعز يعَز بالفتح إذا اشتد وشق يقال عز علي يعز أي أراك بحال سيئة . أي :يشتد ويشق علي وذكر الراغب ([12]) في مفردات القرآن نحوه، وذكر الهروي([13]) في الغريبين نحوه. وقال النووي([14]): في تهذيب الأسماء واللغات قال العزيز من عز الشيء يعز بالكسر إذا قل وعز الرجل عزا وعزة إذا قوي بعد ذله ويقال عز يعز بالفتح على ما أصاب فلان أي :أشتد عز فلانا يعزة بالضم عزا إذال غلبة قال الله تعالى:(وعزني في الخطاب))([15])
وقال الغزالي([16])في ديوان الأدب: أبواب المضاعف باب فعل يفعل بفتح العين من الماضي  وكسرها من المضارع  وأورد فيه أفعالا كثيرتا إلى أن قال عزة أي غلبة. ثم قال : باب فعل يفعل بفتح العين من الماضي وكسرها من المستقبل وأورد فيه أفعالا كثيرتا إلى أن قال: وعز من العزة نقيض الذلة وأصلها من الشدة. وقال الزمخشريُ([17]) في كتاب الأفعال باب فعل يفعل بال كسر من المضارعة ثم أورد فيه صحّ يصحُّ وصح يصحُ وفر يفر وضل يضل وأشياء كثيرة.
إلى أن قال : عز يعز إذا صار عزيزاً أوعز الشيء يعز عزتا إذا قل وقال أبو بكر ابن القوطية([18]) في كتاب الأفعال عز يعز بالكسر عزة وعزا إذا صار عزيزا وعز الشيء عزا وعزازة تعزز والشيء العظيم والرجل  عز كرم وعززت الرجل أعزة بالضم عزاً غلبته وأيضاً أعنته و الحاصل أ، عزة له معان فبعضها بكسر العين في المضارع وبعضها بالفتح وبعضها بالضم وقد نضمت في ذلك أبياتا فقلت :
ياقاريا كتب الآداب كن فطنا  ............... وحرر الفرق في الأفعال تحريرا
عز المضاعف يأتي في مضارعة .............. تثليث عين بفرق جاء مشهورا
فما قل وضد الذل مع عظم .............. كذا أكرمت علينا جاء مكسورا
وما تعز علينا الحال أي صعبت......... ففتح مضارعة أن كنت نحريرا
وهذه الخمسة الأفعال لازمة............. واضمم مضارع فعل ليس مقصورا
عززة زيدا بمعنى قد غلبة كذا........... أعنته فكلا ذا جا مانورا
وقل إذا كنت في ذكر القنوت ولا.......يعز يارب من عاديت مكسورا
وأشكر لأهل علوم الشرح إن شرحوا....لك الصواب وأبدو فيه تذكيرا


[1] . آل النبي صلى الله عليه وسلم :هم آل علي ، وآل العباس ، وآل جعفر ، وآل عقيل ،وآل الحارث بن عبد المطلب، وآل أبي لهب .
فإن عبد مناف فهو الأب الرابع للنبي –صلى الله عليه وسلم- أعقب أربعة ، وهم هاشم والمطلب ،ونوفل، وعبد شمس .
ثم إن هاشما أعقب أربعة ، أنقطع نسبهم إلا عبد المطلب ، فإنه أعقب اثني عشر .الموسوعة الفقهية الكويتية 1/100
-آل محمد الذين لهم أحكام خاصة : هم آل علي ، وآل العباس ، وآل جعفر ، وآل عقيل ،وآل الحارث بن عبد المطلب ومواليهم ، خلافا لابن القاسم من المالكية ومعه أكثر العلماء حيث لم يعدوا الموالي من الآل .
أما أزواجه – صلى الله عليه وسلم – فذكر أبو الحسن ابن بطال في شرح البخاري ، أن الفقهاء كافه اتفقوا على أن أزواجه - عليه الصلاة والسلام  ، لكن في المغني عن عائشة – رضي الله عنها- مايخالف ذلك .
قال: روى الخلال بإسناده عن ابن مليكه أن خالد بن سعيد بن العاص بعث إلى عائشة – رضي الله عنها – سفرة من الصدقة ، فردتها ، وقالت : إن آل محمد لاتحل لنا الصدقة .
وقال صاحب المغني : وهذا يدل على أنهن من أهل بيته في تحريم الزكاة .
قال تقي الدين : أنه حرم عليهن الصدقة وأنهن من أهل بيته في أصح الروايتين .
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: وإسناده حسن ، وأخرجه ابن أبي شيبة ( فتح الباري مجلد 3 /277
ولا يجوز دفع الزكاة المفروضة لآل محمد باتفاق الذاهب الأربعة لحديث( إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس ، وإنها لا تحل لمحمد ولا محمد ) صحيح مسلم 7 /177 المطبعة العصرية

.  القنوت : القنوت : يطلق القنوت في اللغة على معان عدة ، منها :-2
-الطاعة :ومن ذلك قوله تعالى :( له مافي السموات والأرض كل له قانتون ) البقرة 116
- والصلاة ومن ذلك قوله تعالى: (يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين )آل عمران 43
- وطول القيام : ومن ذلك قولة- صلى الله عليه وسلم – (أفضل الصلاة طول القيام )أخرجه مسلم 1/520 من حديث جابر بن عبد الله.
- وسئل ابن عمر – رضي الله عنهما – عن القنوت ، فقال : ماأعرف القنوت إلا طول القيام ، ثم قرأ قوله تعالى : ( أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماًُ )الزمر 9
- والسكوت : حيث و رد عن زيد بن أرقم – رضي الله عنه- قال :كنا نتكلم في الصلاة ، يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت (وقوموا لله  قانتين ) البقرة    238
فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام .
- والدعاء : وهو أشهرها ، قال الزجاج : المشهور في اللغة أن القنوت الدعاء ، وأن القانت الداعي ، وحكى النووي أن القنوت يطلق على الدعاء بخير وشر ، يقال : قنت له وقنت عليه . الموسوعة الفقهية 34/57
وفي الاصطلاح :قال ابن علان : القنوت عند أهل الشرع اسم للدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام . المصدر السابق 34/57

[3] . صححه الألباني في صحيح أبي داوود وفي أرواء الغليل 2/170.
[4] . وتمامه حديث عبد الله بن يزيد قال حدثني سعيد بن أبى أيوب قال حدثني بكر بن عمرو عن أبي عثمان مسلم بن يسار عن أبى هريرة قال قال النبي صلى الله عليه و سلم : ((من تقول على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ومن استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه ومن أفتى فتيا بغير ثبت فإثمه على من أفتاه))
قال الشيخ الألباني : صحيح. ينظر كتاب الأدب المفرد 1/100  وحسنة الألباني في صحيح الجامع 2684.
[5] . هو الحافظ زين الدين العراقي: ( 725-806هـ)
عبد الرحيم ابن الحسين بن إبراهيم بن أبي بكر بن إبراهيم ، أبو الفضل العراقي المصري الشافعي . مولده بالقاهرة  في الحادي والعشرين من جمادى سنة خمس وعشرين وسبعمائة  بمنشية  المهراني على شاطيء النيل ، وحفظ القرآن الكريم ، وطلب العلم ، ثم طلب الحديث بنفسه ، فسمع بالقاهرة على أبي علي عبد الرحيم عبد الله بن يوسف الأنصاري الشهير بابن شاهد الجيش ، وعلى أبي الفتح محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان التركماني الأصل  ثم الدمشقي./ينظر الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب: شمس الدين أبوعبدلله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.1/108

[6] . الأمر المتعبد به :التعبد في الأحكام الشرعية التي لا تظهر للعباد في تشريعاتها حكمة غير مجرد التعبد ، أي : التكليف بها ، لاختبار عبودية العبد ، فمن أطاع أثيب ، وإن عصى عوقب .الموسوعة الفقهية الكويتية 12/201
[7] . :الموقوف لغة:اسم مفعول من الوقف . كأن الراوي وقف بالحديث عند الصحابي ولم يتابع سرد باقي سلسلة الإسناد.
وإصطلاحاً: ما أضيف إلى الصحابي  من قول أو فعل أو تقرير. التقريرات السنية شرح المنظوم البيقونية في مصطلح الحديث حسن محمد المشاط تحقيق وتعليق فواز أحمد زمرلي.مكتبة الإرشاد الجمهورية اليمنية ميدان التحرير ص48.
[8] . لاأصل له انظر المصنوع في معرفة الحديث الموضوع علي بن سلطان الهروي، تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبوغدة مكتب المطبوعات الإسلامية ص62.
[9] واللفظ الورد عن أبي الاحوص، عن عبد الله، عن رسول الله قال(من احسن صلاته حيث يراه الناس واسائها اذا خلا فإنما ذلك استهانت يستهين بتا ربه)) 9/206 المطالب العالبة لابن حجر.

[10] وفي لفظ (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)رواه مسلم مجلد /3/1506 وقال الترميذي حسن صحيح
[11] لأبن الأثير: هو القاضي الرئيس العلامة البارع الأوحد البليغ مجد الدين أبو لسعادات المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن
ونشأ بتا ، ثم تحول إلى الموصل ، وسمع من يحي بن سعد القرطبي ، وخطيب الموصل ، وطائفة . عاش ثلاث وستين سنة ، وتوفي سنة ست وست مائة بالموصل . ينظر سير أعلام النبلاء 21/488

3. الراغب الأصفهاني (000 - 502 ه = 000 - 1108 م) الحسين بن محمد بن المفضل، أبو القاسم الأصفهاني (أو الاصبهاني) المعروف بالراغب: أديب، من الحكماء العلماء.
من أهل (أصهبان) سكن بغداد، واشتهر، حتى كان يقرن بالإمام الغزالي.
من كتبه (محاضرات الأدباء - ط) مجلدان، و (الذريعة إلى مكارم الشريعة - ط) و (الأخلاق) ويسمى (أخلاق الراغب) و (جامع التفاسير) كبير، طبعت مقدمته، أخذ عنه البيضاوي في تفسيره، و (المفردات في غريب القرآن - ط) و (حل متشابهات القرآن - خ) و (تفصيل النشأتين - ط) في الحكمة وعلم النفس، و (تحقيق البيان - خ) في اللغة والحكمة، وكتاب في (الاعتقاد - خ) و (أفانين البلاغة). ينظر الأعلام للزركلي 2/255 و معجم المؤلفين رضا كحالة 13/383
[13].الراغب الأصفهاني (000 - 502 ه = 000 - 1108 م) الحسين بن محمد بن المفضل، أبو القاسم الأصفهاني (أو الاصبهاني) المعروف بالراغب: أديب، من الحكماء العلماء.
من أهل (أصهبان) سكن بغداد، واشتهر، حتى كان يقرن بالإمام الغزالي.
من كتبه (محاضرات الأدباء - ط) مجلدان، و (الذريعة إلى مكارم الشريعة - ط) و (الأخلاق) ويسمى (أخلاق الراغب) و (جامع التفاسير) كبير، طبعت مقدمته، أخذ عنه البيضاوي في تفسيره، و (المفردات في غريب القرآن - ط) و (حل متشابهات القرآن - خ) و (تفصيل النشأتين - ط) في الحكمة وعلم النفس، و (تحقيق البيان - خ) في اللغة والحكمة، وكتاب في (الاعتقاد - خ) و (أفانين البلاغة). ينظر الأعلام للزركلي 2/255 و معجم المؤلفين رضا كحالة 13/383

[14] . (631667ه) يحي ابن شرف بن مري بن حسن النووي ابو زكريا مححي الدين من اهل نوا قرى حوران جنوب دمشق علامة بالفقه الشافعي والحديث واللة تعلم في دمشق واقام بتا زمننا. من تصانيفه الموضوع ولم يكمله وروضة الطالبين والمنهاح ابن المسلم .ينظر طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/165 والاعلام للزركلي 9/185

[15]. سورة ص( 23)
[16].محمد بن محمد بن محمد أبو حامد الغزالي الطوسي حجة الإسلام والمسلمين إمام أئمة الدين من لم تر العيون مثله لسانا وبيانا ونطقا وخاطرا وذكاء وطبعا
شدا طرفا في صباه بطوس من الفقه على الإمام أحمد الراذكاني
ثم قدم نيسابور مختلفا إلى درس إمام الحرمين في طائفة من الشبان من طوس
وجد واجتهد حتى تخرج عن مدة قريبة وبذ الأقران
وحمل القرآن وصار أنظر أهل زمانه وواحد أقرانه في أيام إمام الحرمين
وكان الطلبة يستفيدون منه ويدرس لهم ويرشدهم ويجتهد في نفسه
وبلغ الأمر به إلى أن أخذ في التصنيف من مصنفاته (البسيط) و(الوسيط) و(الوجيز) و(الخلاصة) ينظر طبقات الشافعية الكبرى 6/204.
[17]. محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشري، جار الله، أبو القاسم: من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والآداب.
ولد في زمخشر (من قرى خوارزم) وسافر إلى مكة فجاور بها زمنا فلقب بجار الله.
وتنقل في البلدان، ثم عاد إلى الجرجانية (من قرى خوارزم) فتوفى فيها.ومن أشهر مصنفاته (الكشاف في التفسير) الأعلام للزركلي7/178.
[18]. محمد بن عمر بن عبد العزيز بن إبراهيم بن موسى ويقال عيسى بن مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز الأموي أبوبكر بن القوطية
قرطبي المظهر الإشبيلي الأصل
والقوطية بضم القاف هي أم إبراهيم بن عيسى واسمها سارة ابنة المقتدر وجدها أحد ملوك القوط
وكان ابن القوطية دينا فاضلا عالما باللغة والنحو مقدم عصره لا يشق غباره
ولا يلحق شأوه وله مؤلفات حسنة منها كتاب تصاريف الأفعال وكتاب المدود والمقصور وغير ذلك
طال عمره وسمع منه الناس طبقة بعد طبقة توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة. ينظر البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة لمحمد بن يعقوب الفيروز أبادي دار النشر / جمعية إحياء التراث الإسلامي - الكويت - 1407 الطبعة : الأولى تحقيق : محمد المصري1/68.






النية ومجالاتها في الفقه الإسلامي

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.

فإن النية لها دور كبير في الإسلام ،فهي تميز العبادة عن العادة ،ولما كان لها هذا الدور الكبير والأثر الخطير أحببت أن أكتب بحثا يتناول بعض مجالات النية في الفقه الإسلامي في النقاط الآتية :
أولا:معناها لغة :مطلق القصد .وشرعا : قرن الشيء مقترنا بأول فعله (1)
ثانياً:حكمها :النية واجبة في الطهارة من الغسل والوضوء والتيمم عند كافة العلماء ،فلا تصح طهارة إلا بنية . لقول النبي – صلى الله عليه وسلم –( إنما الأعمال بالنيات ، ....) (2) وقال أبو حنيفة :لا يفتقر شيء من ذلك إلى النية إلا التيمم ، فإنه لابد فيه من النية ،ومحل النية القلب ،والكمال أن ينطق بلسانه بما نواه بقلبه .وقال مالك : يكره النطق باللسان ،ولو اقتصر على النية بقلبه أجزأ بالاتفاق بخلاف عكسه (3)
ثالثا : أقوال الفقهاء فيها :
1-النية واجبة عند الجمهور في الطهارة من الغسل والوضوء والتيمم .
2وقال أبو حنيفة : لايفتقر شيء من ذلك إلى النية إلا التيمم ، كما مر آنفا.
رابعاً: دليل مشروعية النية :
1-      من القرآن الكريم : (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) (4)
2-      من السنة قول النبي –صلى الله عليه وسلم –(إنما الأعمال بالنيات ) (5)
خامسا :الحكمة من مشروعية النية :تميز العبادات من العادات ،وتميز رتب العبادات بعضها من بعض (6)
سادساً : قاعدة : المقاصد والاعتقادات معتبرة في التصرفات والعبارات كما هي معتبرة في القربات والعبادات .
هذه القاعدة أوردها ابن القيم في أعلام الموقعين ، وذكر أن القصد يجعل الشيء حلالا أو حراماً ،وصحيحاً أو فاسداً،وطاعة أو معصية ،كما أن القصد في العبادة يجعلها واجبة أو مستحبة  أو محرمة ، أو صحيحة، أو فاسدة ،ودلائل هذه القاعدة تفوت الحصر ، فمنها قوله تعالى : في حق الأزواج إذا طلقوا أزواجهم طلاقاً رجعياً  
1)      ينظر :المصباح المنير2/868مادة نوى الفيومي دار القلم بيروت ، ورحمة الأمة باختلاف الأئمة ص46
2)      أخرجه البخاري ومسلم برقم برقم(1907)
3)      رحمة الأمة ص46
4)      سبق تخريجه ص1
5)      ينظر /القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه د/محمد بكر إسماعيل ص32

:(وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً)(1)وقوله تعالى:( ولا تمسكوهن  ضراراً لتعتدوا )(2)  وذلك نص في الرجعة إنما ملكها الله تعالى لمن قصد الصلاح دون من قصد الضرار. وقوله  تعالى في الخلع   (فإن خفتم أن لايقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به)(3)وقوله تعلى :(فإن طلقها فلاجناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله)(4)فبين تعالى أن الخلع المأذون فيه والنكاح المأذون فيه إنما يباح إذا ظنا أن يقيما حدود الله .وقال تعالى: (من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار)(5)إنما قدم الله الوصية على الميراث إذا لم يقصد بها الموصي الضرار، فإن قصده فللورثة إبطالها وعدم  تنفيذها .(6)
يقول د/محمد بكر إسماعيل :وقد ضرب ابن القيم لهذه القاعدة أمثلة كثيرة ننقلها عنه هنا بتصرف يسير .
1-ذبح الحيوان بنية الأكل يحل ،  ويحرم إذا ذبح  لغير  الله تعالى.
2-غير المحرم بحج أو عمرة إن صاد الصيد لمحرم حرم على المحرم أكله، وإن صاده لغير المحرم جاز للمحرم أن يأكل منه .
3إن أقرض رجل رجلاً درهماً من الفضة لأجل، كان ذلك قربة من القربات ،وإن باعه درهماً بدرهم لأجل كان ذلك معصية باطلة بهذا القصد، لأن النبي –صلى الله عليه وسلم – نهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة إلا مثلا بمثل ويداً بيد .
4-وكذلك عصر العنب بنية أن يكون خمراً لم يجز بخلاف ما لونوى خلاً أو شراباً غير متخمر.
5-وكذلك السلاح يبيعه الرجل لمن يعرف أه يقتل به مسلماً حرام باطل لما فيه من الإعانة على الإثم والعدوان ،وإذا باعه لمن يعرف أنه يجاهد في سبيل الله فهو طاعة وقربة.
6-وكذلك قول الرجل لامرأته (أنت عندي مثل أمي ) إن نوى بها الظهار حرمت ، وإن نوى بها التكريم لاتحرم عليه.
7-وكذلك الرجل يقضي عن أخيه ديناً إن نوى به التبرع لايجوز له أن يطالبه بما دفعه له في سداد دينه ، وإن لم يقصد به التبرع كان له الحق في المطالبة به إن كان المدين قد أذن له في السداد.
ثم يقول ابن القيم –رحمه الله تعالى – وهذه كما أنها أحكام الرب تعالى في العقود فهي أحكامه تعالى في العبادات والمثوبات والعقوبات ،فق اطردت سنته بذلك في شرعه وقدره ، أما العبادات فتأثير النيات في صحتها وفسادها أظهر من أن يحتاج إلى ذكر،فإن القربات كلها مبناها على النيات  ،ولايكون الفعل عبادة إلا بالنية والقصد ،مثل
1-لو وقع في الماء ولم ينوي الغسل أو دخل الحمام للتنظيف ، أو مسح للتبرد لم يكن غسله قربة ولاعبادة بالاتفاق
2-لوأمسك عن المفطرات عادة واشتغالاً ولم ينوي القربة لم يكن صائما
3-لو دار حول البيت يلتمس شيئاً سقط منه لم يكن طائفاً .
4-لو أعطى الفقير هبة أوهدية ولم ينوي الزكاة لم يحسب زكاة .
5-لو جلس في المسجد ولم ينو الاعتكاف لم يحصل له .


1-ينظر : القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه د/محمد بكر إسماعيل ص44

سابعاً: قاعدة الأمور بمقاصدها:
الأصل في هذه القاعدة : قول النبي –صلى الله عليه وسلم –(إنما الأعمال بالنيات )(1)     وهذا حديث صحيح مشهور ، أخرجه الأئمة الستة وغيرهم من حديث عمر بن الخطاب –رضي الله عنه -.وفي الصحيح أيضاً من حديث سعد بن أبي وقاص: (إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت فيها حتى ما تجعل في امرأتك)(2) ومن حديث ابن عباس –رضي الله عنهما :(لاهجرة بعد الفتح ،ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم  فانفروا)(3) وقد تواتر  النقل عن الأئمة في تعظيم قدر حديث النية.
قال أبو عبيدة : ليس في أخبار النبي – صلى الله عليه وسلم –شيء أجمع وأغنى وأكثر فائدة منه .
واتفق الإمام الشافعي وأحمد بن حنبل ، وابن مهدي ، وابن المديني ، وأبو داود، والدارقطني، وغيرهم على أنه ثلث العلم : بأن كسب العبد يقع بقلبه ولسانه وجوارحه .فالنية أحد أقسامها كالثلاثة وأرجحها ،لأنها قد تكون عبادة مستقلة ، وغيرها يحتاج إليها .(4)   ومن ثم ورد (نية المرء خير من عمله ) (5)
            وتدخل النية في ربع العبادات بكماله : كالوضوء،والغسل فرضاً ونفلاً ، ومسح الخف في مسألة الجرموق(خف صغير يلبس فوق الخف) إذا مسح الأ على وهو ضعيف فينزل البلل إلى الأسفل ، والتيمم، وإزالة النجاسة على رأي،و
غسل الميت على رأي والأواني في مسألة الضبة بقصد الزينة  أو غيرها .
والصلاة بأنواعها :فرض عين وكفاية ،وراتبة وسنة ،ونفلا مطلقاً ،والقصر ، والجمع ، والإمامة ، والاقتداء، وسجود التلاوة والشكر ،وخطبة على أحد الوجهين ، والأذان على رأي .وأداء الزكاة واستعمال الحلي أو كنزه، والتجارة ،وسائر القرب،...وكذلك نشر العلم تعليماً وإفتاءً وتصنيفاً، والحكم بين الناس ...بل يسري ذلك إلى سائر المباحات  إذغ قصد بها التقوي على طاعة الله وعبادته ،أو التوصل إليها ،كالأكل والنوم واكتساب  المال وغير ذلك ، وكذلك النكاح والوطء إذا قصد به إقامة السنة أو إعفاف نفسه أو تحصيل الولد الصالح وتكثير الأمة .ويندرج في ذلك مالا يحصى من المسائل .ومما تدخل فيه النية من العقود ونحوها :كنايات البيع ،والهبة ،  والوقف والقرض ، والضمان ،والحوالة، والإقالة ، والوكالة والإقرار،والإجارة ،والوصية والعتق ،والطلاق،والخلع ،والرجعة ،والإيلاء ،والظهار ،والأيمان،والقذف ،والأمان .( 6)
------------------------------------------------------
(1)البخاري رقم (1)
(2)البخاري رقم (56)ومسلم رقم(1628)
(3) البخاري رقم (2783)ومسلم (1353)
(4) الأشباه والنظائر للسيوطي ص23
(5)المعجم الكبير رقم (5942)                                
(6)الأشباه والنظائر للسيوطي بتصرف ص26
                  
قال السيوطي في الأشباه والنظائر مانصه إن المؤمن  يخلد في الجنة:وإن أطاع الله مدة حياته فقط ، لأن نيته أنه لوبقي أ بد الآباد لاستمر على الإيمان ،فجوزي على ذلك بالخلود في الجنة .كما أن الكافر يخلد في النار ،وإن لم يعص الله إلا مدة حياته فقط ، لأن نيته الكفر ما عاش (1)
ثامناً : فيما شرعت النية لأجله :
المقصود الأهم منها : تمييز العبادات من العادات ،وتمييز رتب العبادات بعضها من بعض . كالوضوء والغسل : يتردد بين التنظيف والتبرد والعبادة .والإمساك عن المفطرات قد يكون للحمية والتداوي،أو لعدم الحاجة  إليه .والجلوس في المسجد.: قد يكون للاستراحة .ودفع المال للغير : قد يكون هبة أو وصلة لغير لغرض دنيوي ،وقد يكون للتقرب بإراقة  الدماء .
وأخيراً النية قصد الشيء ومحلها القلب ، وهي واجبة في الطهارة في الوضوء، والغسل ، والتيمم عند كافة العلماء ،فلا تصح طهارة إلا بنية .لقوله-صلى الله عليه وسلم- (إنما الأعمال بالنيات ..) سبق تخريجه والنية واجبة عند جمهور العلماء  هذا وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
--------------------------------------------------------------
المصادر ومراج البحث
1-المصباح المنير للفيومي دار القلم
2-رحمة الأمة في اختلاف الأئمة
5-صحيح مسلم
6-الأشباه والنظائر للسيوطي

العدة في الفقه الاسلامي


العدة في الفقه الإسلامي
الحمد لله الذي خلق الإنسان علمه البيان ، وهداه سبل الهداية والسلام ،وجعل له من نفسه زوجة يسكن إليها ،وغرس بينهما المودة والرحمة ،ورزقهما بنين وحفدة ، وأرشدهما إلى أقوم طريق يحقق لهما السعادة في الدنيا والآخرة ، فمن سلك شرع الله تعالى وقام بواجبه عاش عيشة هنيئة راضية .
والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين  .وبعد:
فهذا بحث العدة في الفقه الإسلامي توخيت عرضه عرضاً مبسطاً سهلاً ، يفيد المبتدي ، ويذكر المنتهي ،ويجلي غوامضه،ويسعف طالبه ، فكان هذا البحث من مقدمة وفصلين وخاتمة .
الفصل الأول :تحدثت فيه عن معنى العدة وحكمها ،وحكمة مشروعيتها  ،ودليل مشروعيتها ، وما يوجبها ، وأنواعها .
الفصل الثاني : تحدثت فيه عن بداية العدة ونهايتها، وما للمعتدة وما عليها ، وحداد المعتدة ،وحقيقة الإحداد ، وخروج المعتدة .
الخاتمة :وتشتمل على أهم النتائج المتوصل  إليها من خلال البحث .                               
الفصل الأول :وفيه الآتي :
أولاً: معنى العدة : العدد : جمع عدة ،مأخوذ من العدد لاشتمالها عليه .
وشرعاً :اسم لمدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها ، أو للتعبد ، أو لتفجعها على زوجها .
ثانياً:حكمها: هي واجبة بالاتفاق في عدة الوفاة ، وهي ترك الزينة ،وما يدعو إلى النكاح .(1)
ثالثاً: الدليل على مشروعيتها :
1-من الكتاب قول الله قول الله تعالى :(والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) البقرة /228
2-من السنة :حديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم –قال لها :( اعتدي في بيت ابن عمك ابن أم مكتوم )(2) وقد سمح لها النبي –صلى الله عليه وسلم – أن تعتد في بيت ابن عمها ، لأن زوجها طلقها وهو غائب وخشيت أن تعتد وحدها في بيت الزوجية فلربما يقتحم أحد عليها دارها ، فأذن لها ،لأنها تكون في مأمن من أن يراها أحد (3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-رحمة الأمة في اختلاف الأئمة.محمد بن عبد الرحمن الدمشقي العثماني الشافعي المتوفى بعد (780هـ) تحقيق علي الشربجي وقاسم النوري مؤسسة الرسالة ط 1سنة 1994 م بتصرف
2-صحيح مسلم بشرح النووي 1/94
3-المصدر السابق بتصرف .
رابعاً : الحكمة من مشروعيتها:
يرى جمهور الفقهاء : أن كل عدة لاتخلو من تحقيق بعض المصالح الآتية :
1-معرفة براءة الرحم ، حتى لاتختلط الأنساب .
2-إمهال الزوج فترة حتى يستطيع فيها مراجعة نفسه وإرجاع مطلقته .
3- حداد المرأة على زوجها المتوفى ، وفاء له واحتراما ً لمشاعر أهله .
4- تفخيم أمر النكاح ، إذ أنه لايتم إلاباجتماع الرجال ، إلابانتظار طويل .([1])
خامساً :مايوجبها :
الذي يوجب العدة سببان : موت الزوج ، أو الفراق .
فإذا مات الزوج – ولوقبل الدخول ، أوفي أثناء العدة من طلاق رجعي اعتدت الزوجة عدت الوفاة .
ولو حدثت الفرقة بطلاق أو خلع أوفسخ - وكان ذلك بعد الدخول – اعتدت الزوجة .
وقد جاء في المغني :(وكل فرقة بين الزوجين فعدتها عدة الطلاق ،سواء كانت بخلع ، أو لعان ،أو رضاع ،أو فسخ أو إعسار ، أو اختلاف دين ، أو غيره في قول أكثر أهل العلم .. (2) 
ٍسادساً : أنواع العدة : هي ثلاثة أنواع : وضع حمل ، أقراء ،أشهر.
الأول : وضع الحمل : لإخلاف بين الفقهاءٍ في المرأة الحامل ، إذا فارقت زوجها بطلاق أو خلع أوفسخ ، فعدتها بوضع الحمل . لقول الله تعالى : (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعنا حملهن ) الطلاق /4
قال صاحب متن الغاية والتقريب في الفقه الشافعي ما نصه : (والمعتدة على ضربين : متوفى عنها زوجها ، وغير متوفى عنها .فالمتوفى عنها زوجها : إن كانت حاملاً فعدتها بوضع الحمل . ثم يعلق الشيخ ماجد الحموي حفظه الله قائلا عند قول المؤلف :بوضع الحمل ولو مضغة  ، لقول الله تعالى : (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) الطلاق(3)
ويقول صاحب رحمة الأمة : اتفق الأئمة على أن عدة الحامل مطلقاً بالوضع .(4)
الثاني : اتفق الأئمة  على أن عدة من تحيض ثلاثة أقراء ، لقول الله تعالى :(والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء )البقرة/228
والأقراء :الأطهار عند مالك والشافعي ، وعند أبي حنيفة الأ قراء : الحيض ، وعند أحمد روايتان .(5)
الثالث :واتفق الفقهاء على أن عدة من لم تحض ، أو يئست ثلاثة أشهر ، لقول الله تعالى : (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلا ثة أشهر واللائي لم يحضن ) الطلاق /4
الفصل الثاني : وفيه الآتي :
أولاً: متى العدة ؟
عند الاعتداد بالأشهر تبدأ من تاريخ الفراق . وعند الاعتداد بالأ قراء، فالذين يرون أن القرء هو الطهر ، تبدأ العدة عندهم من الطهر الذي وقع فيه الفراق .والذين يرون أن القرء هو الحيض ، تبدأ العدة عندهم من الحيض الذي يعقب الطر الذي حدث فيه الفراق .
ثانياً :متى تنتهي العدة ؟
إذا كانت بالأشهر تنتهي بمضي المدة .
وإذا كانت بالحمل تنتهي بوضع آخر جنين إذا تعددت الأجنة .
وإذا كانت بالأ قراء ، فعند من يرى أن القرء هو الطهر ، فإن طلقها في طهر انقضت عدتها برؤية الدم من الحيضة الثالثة ،وإن طلقها في حيض انقضت عدتها برؤية الدم من الحيضة الرابعة .
وأما من يرى أن القرء هو الحض فهناك قولان :
الأول :أن العدة لا تنتهي حتى تغتسل المرأة من الحيضة الثالثة ، فيباح لزوجها إرجاعها ، ولايحل لغيره نكاحها ، حتى لو فرطت بالغسل سنين ، وهذا مروي عن الخلفاء الراشدين وجمع من الصحابة والتابعين ، لأنها ممنوعة من الصلاة بحكم حدث الحيض ،فأشبهت الحائض (1)
ثالثا : ما للمعتدة وما عليها :
لإخلاف بين الفقهاء في أن على زوجها أن يبقيها في بيت الزوجية ، وأن ينفق عليها . ويجب عليها أن تقيم معه ، فتكون حياتها في العدة كحياتها قبل الطلاق ، والحكمة من ذلك أن تبقى تحت سمعه وبصره علَه يراجعها , ولكن لا يخلو بها كما هومعلوم في أحكام الطلاق الرجعي (2) قال تعالى : (لاتخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأ تين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه لاتدري  لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ، فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف ) الطلاق 1-2  

[1] .انظر/العلاقات الأسرية في الإسلام د/محمدعبد السلام محمد مكتبة الفلاح الكويت.ط2 سنة 1987ص410-411
2- المصدر السابق ص411